تعرضت إيران إلى حصار طويل المدى، والآن وبعد ردها على العدوان الصهيوني، يأتي وزير الدفاع الصهيوني بقرار اعتبار البنك المركزي الإيراني منظمة ارهابية، وهذا أكبر قرار جائر بحق إيران بعد عدوانهم الغاشم، بحجة امتلاكها السلاح النووي.
وهو الأسلوب نفسه الذي استخدموه في العراق سابقًا، حصار طويل ثم قصف وعدوان، ومثلما كذبوا قبل أكثر من عشرين عامًا الكذبة نفسها في العراق بشأن امتلاكه السلاح النووي، يكررون الكذبة الآن. والهدف واحد، هو إسقاط النظام، إلا إن الفارق في إطالة أمد العدوان، من أجل سفك الدم العربي، بمزيد من الفاشية والنازية الهمجية الفجة.
وبدل من أن يدين غروسي مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية العدوان الصهيوني الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، يصرّح "بأنه لا يمكن أن تمنع إيران مفتشي الطاقة الذرية وعلينا أن نجبرها على ذلك"!
إن تكرار القول بأن الضربة الأمريكية لم تدمر كلياً المنشات النووية الإيرانية، وأنها فقط ساعدت على تأجيل تخصيب اليورانيوم، تعني بكل بساطة أن الجولة الثانية من العدوان على إيران قادمة لا محالة.
الكيان الصهيونى يجد الدعم المباشر من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، وإيران من جهة أخرى تجد المساندة من الصين وكوريا وباكستان، أما غزة فهي تقاتل وحدها ثم وحدها ثم وحدها، والتي في أثناء العدوان الصهيوني على إيران، تجرعت كؤوس الموت والقتل والدمار أضعافاً مضاعفة، لكنها ظلت تقاوم، وبفضل مقاومتها الأسطورية الباسلة، سقط جنود المعتدي قتلى وجرحى في اليوم المبارك ٢٥ يونيو ٢٥، وأصبح هاجس الصهاينة بوقف العدوان على غزة أكثر إلحاحاً.
وحده الشعب اليمني العظيم في موقفه الثابت المساند لغزة، ولم يدّع العجز أو يكتفي بالتفرج الصامت.
البعض يقول: "إن تلك الحرب كانت مسرحية، بهدف صرف النظر عما يحدث في غزة والضفة، ولو اشترطت إيران علبهم وقف العدوان على فلسطين لكان الموقف مشرّفا، والهدف الأهم، نهب المزيد من أموال الدول الخليجية".
وربما كان هدف أمريكا ذلك، لكن إيران ليست مسؤولة عن غزة والضفة، وليست أقرب لها من العرب، وفعلاً كانت الضربات محسوبة بدقة، وخاصة ضربة قاعدة العديد، ومع ذلك وجهت إيران صفعة لم يتوقعها أحد إلى وجه الكيان الصهيونى الغاشم، فلأول مرة نرى الصواريخ تنهال على رؤوس الصهاينة في فلسطين المحتلة.
الخميس ٢٦ يونيو أول يوم السنة الهجرية، وبدل من أن نحتفل به، يمر علينا هذا اليوم التاريخي، وغزة تسطرّ البطولات، وتنزف الجراح، والأنظمة المستكبرة تصفق للقتل، والأنظمة الغنية تقف متفرجة، أما أغلب شعوب الأرض، فإنها تقف مع الإنسانية والحق الفلسطيني.
وبعد انتهاء العدوان، كلا الطرفين يقولان بأنهما انتصرا، ومن يسأل عمن انتصر أو خسر، نقول: نحن نعرف جيداً أن الحروب لا تخلّف إلا الموت والدمار، وعندما تتوقف رحى أي حرب تظهر آثارها وما خلّفته من أهوال وويلات.
وحتماً خلّف العدوان دماراً كبيراً في كلا الجانبين، وبالأخص في إيران، يكفي خسارتها العلماء، لكن الرد الإيراني كبح البلطجة والعربدة الصهيونية المتأمركة، التي لا تكترث بالقوانين والاتفاقيات والمنظمات الدولية، والتي هم من وضعها وصنعها، لكن اكتشف العالم أن تلك القوانين لا تُطبق على من وضعها.
كما وجد العدو الصهيوني من يقف له بالمرصاد، وذلك الرد الإيراني ليس له علاقة بالنظام الحالي، بل أي نظام كان سيرد على العدوان بالمثل، لأنها دولة لها امتداد في الحضارة والتاريخ، ولها مؤسساتها ومكتفية ذاتياً في إنتاج الغذاء والدواء والنفط والسلاح وغيرها.
لقد أثبت الشعب الإيراني أن لديه كرامة وقوة، يدافع بها عن أرضه ومقدراته وحقوقه.
--------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام